((صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الخَلقية والخُلقية))
روى الإمام الأعظم زيد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين عليه السلام قال: ((بينما علي عليه السلام بين أظهركم بالكوفة وهو يحارب معاوية بن أبي سفيان في صحن مسجدكم هذا محتبياً بحمائل سيفه، وحوله الناس مُحدِقُون به، وأقرب الناس منه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتابعون يلونهم إذ قال له رجلٌ من أصحابه: يا أمير المؤمنين صف لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأنا ننظر إليه فإنك أحفظ لذلك مِنَّا؟.
قال: فصوب رأسه ورق لذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واغرورقت عيناه.
ثم رفع رأسه ثم قال: نعم، كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وَآله وسَلَّم أبيض اللون مشرباً بحمرة، أدعج العينين[أي: شديدة السواد مع سعة المقلة]، سبط الشعرة[أي: لم يكن جعداً]، دقيق العرنين[العرنين أول الأنف تحت مجتمع الحاجبين]، أسهل الخدين، دقيق المسربة[دقيق المسربة ما دقَّ من شعر الصدر سائلاً إلى الجوف]، كثّ اللحية[أي: كثيف اللحية]، كان شعره مع شحمة أذنيه إذا طال، كأنما عنقه إبريق فضةٍ، له شعرٌ من لبته إلى سرته يجري كالقضيب، لم يكن في صدره ولا بطنه شعرٌ غيره إلا نبذاتٌ في صدره، شثن الكف والقدم، إذا مشى كأنما يتقلع من صخرٍ أو ينحدر في صببٍ، إذا التفت التفت جميعاً، لم يكن بالطويل ولا بالعاجز اللئيم، كأنما عرقه اللؤلؤ، ريح عرقه أطيب من المسك، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وآله وسلم)).
وعن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام قال: سألت خالي هند بن أبي هالة، وكان وصافاً عن [خلقة] النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئاً أتعلق به، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخماً مفخماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر إن أنفرقت عقيقته فرقها، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفر، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله، أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بإذن متماسك، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصل بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن ما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، أو قال: سايل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعاً، يخطو تكفأ، ويمشي هوناً، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبة، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، ويبدر من لقي بالسلام . انتهى.
فسبحان من جمع له هذه المحاسن التامة والخِلقة العجيبة التي لا يقاسمه فيها أحد، فيالها من طلعة بهية وشمائل محمدية لم يُرَ مثله أحد قبله ولا بعده:
وأحسن منك لم تر قط عيني*** وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب*** كأنك خلقت كما تشاء