قال المنصور بالله عليه السلام: وأمَّا العذر لخوف الظلمة فبعيد من الصواب جداً، وأي جهاد لا يخاف صاحبه ولا يخيف!!، وإذا كان الله تعالى قد {اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ}[التوبة:111]، وساق كلاماً مفيداً أحببنا نقله وذكره:
والقرآن آكد حكمه في كبار الكتب المنزلة الشريفة، فهل يستحقّ المبيع من لا يسلّم الثمن!! أوليس الغريم إذا نوى حكم للبائع بالمبيع زال، وكذلك المشتري إذا مطل البايع في ثمن المبيع كان حكمه حكم السارق وزال حكم البيع، وإنما يكون حكمه حكم السارق؛ لأن من شرى شيئاً معيَّناً بمال معيَّن ثم خبّأه من البائع وغباه ودافع دونه يكون حكمه حكم السـراق: سـرق نفسه، وماله، ودينه.
وأما الاعتذار بالمال والعيال فذاك من أعذار الأعراب فلم يقبلها ربُّ الأرباب، قال تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[الفتح:11].
وقال عليه السلام: وأما اعتذاره بالتعليم فلماذا يتعلم؟! إنما يراد العلم للعمل، فما ينفعه علمه وقد ترك أفضل الأعمال؛ ولئن مكّن الله تعالى لنفردنّ في هذا المعنى كتاباً لله سبحانه ينفع الله به المسلمين، ويقمع به المجرمين، ولا سلامة لمن ترك الجهاد ولا كرامة لا في الدنيا ولا في الآخرة.