كان للشريف الأمير شجاع الدين جعفر بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن حمزة غلام يترك الصلاة، فسأله القاضي داود بن عبيد الزيدي في مجمع أهل صليب أن يصلي فأبى، وقال: لست أصلي، وأغلظ في الجواب، فأمسكه وجلده عشـر جلدات، فذهب يشكو إلى مولاه فأتاه وقد حمله الغضب ومعه غلامان، فأمسكا الفقيه وضربه بعمود الدبّوس، فأنكر الناس ذلك، ولمَّا وصل العلم إلى الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام حكى بعض من حضـر أنه أمسَى ليلته تلك يتململ، وما ذاق فيها النوم غضباً لله سبحانه، ووافق ذلك وصول الأمير شجاع الدين جعفر بن الحسين بن القاسم بكرة يوم تلك الليلة، وقد كان الإمام أمر الأمير ذا الكفايتين محمد بن إبراهيم بالركوب إلى حوث ليؤدِّيه إليه، فلمَّا حضـر في مجمع كبير حضر الأميران الكبيران شيخا آل الرسول يحيى ومحمد أبناء أحمد وطائفة من الشرفاء آل الهادي وآل حمزة وقاضي الشـرع محمد بن عبدالله بن حمزة والشيخ محيي الدين محمد بن أحمد النجراني، وأهل المدرسة المنصورية بصعدة، وهو المدرِّس بها، واجتمع بها خلق كثير من أهل البلد وغيرهم، ومن رؤساء الناس وغصَ المسجد والحجرات وقد أمَّ الباب بالناس، فسأله الإمام عليه السلام عن القصَّة بعد كلام شرحه في ذلك المقام، فأنكر وقال: إن شهد عليّ شاهد من أهل المدرسَة قبلت شهادته، وقد كان وصل منهم رجل ممن حضـر القصَّة فدعاه الإمام فشهد بما حدث.
فلمَّا رأى ما عند الإمام من الغضب تقدَّم إلى بين يديه، ووضع سيفه وسوطه واستَسلم للحق، وقال: امض حكمك بما تراه، فأمر الأمير صفيَ الدين ذا الكفايتين يجلده عشـرين جلدة تأديباً، وأمر بقبض فرسه ودرعه وأحضر أحد غلاميه فجلده ثلاثين جلدة وحلق رأسه وأمر الأمير جعفراً بالصدور إلى حوث ليبلغ الفقيه ما يجب له بحكم الله تعالى، ففعل، وحضر إلى المسجد الجامع بحوث - عمره الله بالصالحين – وأحضـر غلامه الثاني وذلك في حال عمارة المسجد ولم يسقف بعد وحضر خصمه بين يدي القاضي ركن الدين عمرو بن علي العنسي وحضـر الشيخ محمد بن أحمد العبشمي والقاضي شرف الدين إبراهيم بن أحمد بن أبي الأسد وأهل المدرسة ومن بلغته صلاة الجمعة من أهل البلاد فادعى الفقيه ما لحقه من الأمير والغلام فاعترفا بذلك فتراجع من حضر من العلماء في أمر الغلام فأجمع رأيهم على الاقتداء بما فعله الإمام عليه السلام في الغلام الأول في صعدة، فأمر القاضي بحلق رأسه وجلده ثلاثين جلده، وبقي الأمير فقام إليه الأمير بعد وجوب الحق واعترافه فلزم على يده ووهب له حقه، وافترق الناس على ألسنَةٍ داعيةٍ للإمام -عليه السلام– بالنصر، معلنة لله تعالى بالحمد والشكر.